انّ طلب العلم تفقّهًا في دين الله تعالى مِن أفضل ما يتقرّب به المتقرِّبون إلى الله تعالى، ومَن أكرمَه الله تعالى بالفقه في الدين فإنّه من الذين أراد الله بهم الخير؛ لما رواه البخاريّ ومسلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: (مَن يُرِد الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين). ومن أهمّ الكتب التي ينبغي على طالب العلم مدارستُها كتابُ المجموع للإمام النووي، وقد قام باختصاره فضيلة الشيخ إسماعيل المجذوب؛ تسهيلًا لطلاب العلم، فجاء بحمد الله مناسبًا لطلاب العلم في هذا العصر، سيَّما وقد تقاصرت الهمم عن المطوَّلات. وسنكمل في هذه الدورة أحكامَ الصلاة ونشرع في دراسة كتاب الزكاة حتى نهاية مسائل تتعلَّق بالمعدن.
كان لكتاب المجموع الذي شرح فيه الإمام النووي (المهذّب) للشيرازيّ أهمِّيّةٌ عند العلماء عامّة والشافعيّة منهم خاصّة، وذلك لكثرة فوائده، ووفرة فرائده، وعِظَم منافعه، ولذا فقد اختصره الشيخ إسماعيل المجذوب الحمصيّ في كتاب سمّاه مختصر المجموع، وقدّم له بمقدّمة حوت جملة من الفوائد والفرائد، وهو الذي سيقوم بتدريسه في هذه الدورة. ومؤلّف المجموع هو الإمام النَّوَوِي (631 - 676هـ = 1233 - 1277م) وهو الإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، العلَّامة بالفقه والحديث. مولِدُه ووفاته في نَوى (من قرى حوران، بسورية) وإليها نسبته. تعلّم في دمشق، وأقام بها زمنًا طويلًا. من كتبه: تهذيبُ الأسماء واللُّغات، ومنهاج الطالبين، والدقائق، والمنهاج في شرح صحيح مسلم، والتقريب والتيسير في مصطلح الحديث، ورياض الصالحين مِن كلام سيِّد المرسلين، وشرح المهذَّب للشيرازي، وروضة الطالبين، والتبيان في آداب حملة القرآن، وغيرها. ومختصِرُ المجموع هو الشيخ إسماعيل عبد الكريم المجذوب، وُلِد في مدينة حمص عام 1945م، وهو من مشاهير العلماء والدعاة في مدينة حمص، وقد درس في معهد الفتح ونال الإجازة في الشريعة من الأزهر، وتأثّر بعلماء دمشق كالشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ أديب الكلاس، درّس في عدد من المعاهد الشرعية والمراكز العلميّة في حمص وخارجها، وفي دمشق، وقد درّس فيها أمّهات الفقه والحديث والتفسير واللغة. من تآليفه: المختار من حلية الأبرار، اختصر فيه كتاب الأذكار للإمام النوويّ، وسقاية القلوب من أذكار السابقين، ومختصر المنهاج شرح صحيح مسلم للإمام النوويّ، والمختار من كفاية الأخيار، وصفحات مثمرة من علم الحديث، وغيرها، ومختصر المجموع للنووي. وما يزال ينتفع طلاب العلم بالشيخ، حفظه الله وأمتع ببقائه.
أن يكون الطالب قد قرأ كتابًا في فروع الشافعيَّة من المستوى الأوَّل، مثل عمدة السالك، وكتابًا من المستوى الثاني، مثل: فتح الوهاب شرح تحرير اللُّباب للشيخ زكريَّا الأنصاري، أو ما يعادله من كتب الفقه في مذهب من المذاهب الفقهيَّة الأربعة.
أصول الفقه من أهمّ علوم الشريعة الإسلامية، وهو مفتاح الفهم السديد لكلِّ علوم الشريعة؛ ذلك أنّه في معظمه عبارةٌ عن قواعدَ لتفسير النصوص، وقد اعتنى به العلماء لكونه مفتاحَ فهْمِ نصوص الكتاب والسنَّة، وهو مهمٌّ لكلِّ مَن يريد أن يفهم الكلام العربيَّ على وجهه، يحتاج إليه القانونيُّ والسياسيُّ والأديب... كما أنّه منهج عقلانيٌّ يُعِيْن على ترتيب الأفكار، وتنظيمها والقدرة على الحِجَاج والمناظَرة. وهذا الكتاب "الإحكام في أصول الأحكام"، هو من أهمَّ المؤلَّفات الأصوليَّة على طريقة المتكلِّمين، يحوي جميع مقاصد قواعدِ الأُصولِ. ويشتمل على حلِّ ما انْعَقَد من غوامضها على أرباب العقولِ.